إذا كنتم تفكرون في الانتحار…

إذا أصابتكم ضائقة من هذا القبيل فقد تراودكم المشاعر التالية:

اكتئاب
يأس
عجز وقلة حيلة
عاصفة عاطفية
فقدان السيطرة
– وقد تشعرون أيضا بأنّ:

مشاعر شديدة وغير مألوفة تغمركم
أشياء غريبة تحدث لكم
أنّكم على وشك أن يصيبكم مس من الجنون
من الجائز أنه كلما تملكتكم أحاسيس صعبة فإنها تكون أكثر إيلاماً مما كانت عليه من ذي قبل. وقد تشعرون أحياناً بهدء وسكينة، لكن الأحاسيس القاسية سرعان ما تعود وتغمركم من جديد. أحياناً تكون ساعات الصباح هي الأسوأ وأحياناً تكون الليالي وساعات المساء بالذات هي أسوأ الأوقات.

علاوة على كل ذلك، فإنكم في حالة من الخوف وتعتقدون بأن هذا الأسى لن يتلاشى ويختفي وان ليس هناك حل حقيقي للضائقة التي ألمّت بكم.

من المهم أن تعرفوا أنّ هذه الحالة النفسية هي حالة عابرة ومصيرها أن تنتهي، وهي لا تظل معكم للأبد، حتى لو استمرت لعدة شهور.

من المعلوم أن هنالك أشخاص كثيرون ألمّت بهم ضائقة وتخلصوا منها وواصلوا عيش حياة عادية تمنحهم الشعور بالرضا والاكتفاء. هؤلاء الأشخاص أيقنوا أنّ ما كانوا يعتقدونه مستحيل الحل كان بالفعل قابل للحل، وحالتهم النفسية الصعبة تلاشت وانتهت كأنها لم تكن.

حقيقة الأمر أن جزءًا من هذه الضائقة أصله من حالة طبية وهناك علاج دوائي لها. أما الجزء الآخر منها فيرتبط بحالات ومشاكل نفسية (لا تدل بالضرورة على خلل عقلي) وهذا الجزء تنفعه العناية النفسية. قد تساعد الأدوية في حالات الألم البدني والأمراض المزمنة.

أفضل نصيحة نقدمها في مثل هذه الحالات هي التغلّب على الخوف والخجل ومراجعة خبير (طبيب نفسي/ أخصائي نفسي). الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي هو أفضل الوسائل وأنفعها للخروج من هذه الحالة الصعبة.

أحياناً، هنالك صعوبة في الوصول مباشرة وفوراً إلى الخبير، ولهذا نقدم لك بعض الخطوات التي من شأنها تهدئة مشاعرك ولو بشكل مؤقت. نؤكّد مرة أخرى بأن هذه الخطوات ليست بديلاً حقيقياً عن تلقي المساندة والعون من خبير مختص:

أولاً – ننصحك بالإنفتاح من الناحية العاطفية ومشاركة أحد الأشخاص المقربين. إختر شخصاً مقرباً منك، تثق به وتعلم أنّه سيصغي لك دون أن يحكم عليك، ودون أن يبدأ بتقديم الموعظة حين تبوح له بما يؤلمك. الانفتاح العاطفي وتبادل الحديث يساعد في الكثير من الحالات على تخفيف العبء النفسي. وقد تكتشف أنّ لديك أصدقاء يكترثون بحالك أكثر مما كنت تتصور.

برنامج عمل ومشغلة يومية. إن الركود والتقاعس عن العمل يزيدان من شدة المعاناة. لذلك من المهم أن تقوم بتخطيط يومك وأعمالك بحيث يكون يومك مليئًا بالفعاليات، وخاصة تلك الفعاليات التي تحب ممارستها. الإنشغال بالفعاليات يساعدك على نسيان اللحظات الصعبة، وكلما أكثرت من العمل والحركة، ستشعر أنك أقوى من ذي قبل وأقل ضعفاً من ذي قبل.

لا تنقطع عن التواصل الإجتماعي. نعلم أن الإنسان حين يصيبه اليأس يصعب عليه أحياناً التواجد برفقة أشخاص آخرين، وأحياناً يراودك شعور بأنك إنسان شفاف وأنّ الآخرين يرون ويعرفون كل ما يدور في داخلك. هذا ليس صحيحاً على الإطلاق في معظم الأحيان، وحتى لو لاحظ الناس التغيير الذي بدى عليك فإنهم لا يرون كل ما في داخلك. بالإضافة، سيكون من الأسهل عليك إذا لم تحاول إخفاء ما تشعر به، ولا بأس بأن تبوح بمشاعرك للآخرين وأن تقول أنّك تمر بتجربة صعبة، وقد تجد أحياناً أن هنالك أشخاص لديهم الإستعداد للإصغاء لك، بل وسيحدثّونك بأنّهم مروا بتجارب شبيهة بتجربتك. ستجد أنّ من شأن العلاقات الإجتماعية أن تهوّن عليك، على الرغم من الصعوبة التي قد تشعر بها عندما تكون مع الناس وبينهم. لا تحاول الإختباء، فيجوز لكل شخص أن يشعر بالسوء أحياناً، والناس لا يحاسبونك على ذلك، لأنّ معظمهم يفهمون هذه المواقف من التجارب الشخصية التي مرّوا بها.

دلّل نفسك وأكثر من ممارسة الأنشطة والأعمال التي تستمتع بممارستها حتى وإن شعرت أنها الآن لم تعد ممتعة كما كانت من ذي قبل. دلّل نفسك بالطعام والملابس وتذوّق الأطعمة الشهية ونمّي مشاعرك وهواياتك. واحرص كذلك على مظهرك ونظافتك فإنك الآن تستحق ذلك أكثر من أي وقت مضى.

تأمل في نفسك واعثر على ميزاتك الطيبة والجيدة. أحياناً، يمكننا أن نكون أفضل من نهدئ أنفسنا ضد الأفكار السلبية حين نواجه مشاكل قد تطرأ علينا، مثل الشعور بانعدام القيمة، فقدان الأمل، الشعور بالفشل والقنوط. شجّع نفسك، فمن حقك أن تمدح نفسك. ذكّر نفسك بما تتحلى به من مزايا طيبة، وتذكّر النجاحات التي حققتها، تذكّر ما يميزك عن الآخرين. من المُحبذ أن تُذكّر نفسك بأنك تحب نفسك وتحترم نفسك، وأنك قادر على المواجهة، على الرغم من الصعوبات التي قد تعترض طريقك، وتعرف أنك قادر على تخطيها. من المهم أن تتذكر وتقول لنفسك بأن الحالة الصعبة هي حالة مؤقتة وسوف تمر وتنتهي وأنك لست فريداً من نوعك وأن بوسعك مواصلة كل شيء. سجل إنجازاتك من الماضي والحاضر.

اعرف نقاط قوتك وقدراتك، فإن البشر قادرون على النسيان والاستمتاع حتى في أحلك الظروف. من المهم أن تنتبه لهذه الحقيقة وأن تكون على يقين بأنك قادر على الشعور بالمتعة والطمأنينة حتى في أصعب الظروف وهذا جزء من قوتك وقدرتك.

اعرف آلامك، واعلاف ما الذي يخفف عنك وما الذي يُصعب عليك، وما الذي يجعلك تشعر بالرضا والاكتفاء (ولو بشكل مؤقت) وما الذي يؤلمك ومتى. انتبه لتقلبات مزاجك وما هي الأمور المرتبطة بتقلبات المزاج. وقد ينفعك إذا قمت بعمل مفكرة لتسجيل الأحداث الصعبة والأحداث الملطِفة معاً. امنح نفسك علامات (سجلها) على المواجهات التي خضتها وشعرت بأنها إيجابية، حتى وإن كانت مُتعبة، وهكذا يتعاظم ويتنامى لديك الشعور بأنك تسيطر على الوضع.

اعترف لنفسك بالتغييرات التي تمر بها، ولا تنزعج من التغييرات التي تطرأ على مزاجك. فهذه التغييرات الفجائية التي تطرأ على المزاج الكئيب هي من أكبر الصعوبات. كما أنّ الهبوط الذي يأتي بعد تحسُن المزاج قد يسبب الانزعاج والخوف، وقد يجعلك تشعر بأن الوضع لن يتغير، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق؛ فالتغييرات هي جزء من الحالة الصعبة ولا تدل بأي حال من الأحوال على أن حالتك ميؤوس منها. فالوضع سيتغير إلى الأفضل بالتأكيد، وعوضًا عن الخوف من التغييرات – قم بتسجيلها.

تذكر بأن المشاكل قابلة للحل. من المهم أن تتذكر وتُذكّر نفسك بأن ليس هناك مشكلة لا يمكن حلها، حتى وإن كان الحل المحتمل يبدو لكم الآن صعب المنال أو ينطوي على حرج وانزعاج. الشعور بأن الحالة غير قابلة للحل ما هو إلا حالة نفسية ولا تمتّ للواقع بصلة. سجل قائمة بالحلول الممكنة للتعامل مع المشكلة التي تعتقد أنها غير قابلة للحل، ابحث عن بدائل، واعرف ما هي فوائد ومساوئ كل واحد من الحلول، ثمّ اختر الحل الأنسب لك. لكي تعثر على بدائل، قد تحتاج إلى استشارة صديق أو خبير. تذكّر أنّ تلك الحلول التي لا يمكنك اعتمادها، كانت مناسبة لغيرك وقرروا اللجوء لها ونجحوا.

تذكر بأن الموت يعني القضاء على كل إمكانيات المستقبل. في اللحظات العصيبة، قد يبدو أنّ الحل الوحيد هو الموت. لعلّك تعتقد أنّك فقط حينها ستنعم بالطمأنينة والسكينة. هذه الأفكار سوداوية ومفخخة. الموت ليس حلًّا، إنّما نهاية. الموت يقطع مستقبلك، يقطع المتعة والاكتفاء الذي ينتظرك، ويقضي على كل المشاريع التي يمكنك تحقيقها. نحن نعرف أن هنالك أشخاص كثيرون كانوا في حالة مشابهة لحالتك وقرروا الإنتحار، لكنهم نجوا من الإنتحار بمعجزة. هؤلاء نجحوا في تغيير حياتهم وعاشوا حياة سعيدة، بل وأسعدوا غيرهم. أما الموت، فهو لا يضع حداً للمتعة والإكتفاء وحسب، بل يشكّل فاجعةً لكل المقربين منك، وقد تظل هذه الفاجعة ملازمة لهم طيلة حياتهم. قد يُخيل لك بأنك بفعلتك هذه قد تحاسب أشخاصًا أنت غاضب عليهم إلى أبعد الحدود، أو كطريقة للتعبير عن احتجاجك ضدهم. لكن في نهاية الأمر، يمكنك أن تجد طرقاً أخرى غير الموت للتعبير عن غضبك دون أن تؤذي نفسك ودون أن تقضي على مستقبلك.

تذكر، بالإمكان التغلب على الصعوبات والإحباط. الكآبة واليأس قد يرتبطان أحياناً بمشاعر إحباط قاسية بالنسبة لأهم الأمور في حياتك (تقدير الذات، تحقيق الذات، الحب وغيرها)، والإحباط المستمر يولّد الأسى والألم. لكن، ليكن معلوماً لديك أن هنالك إمكانية للتغلب على الإحباط وتلبية الحاجات الهامة. لأجل ذلك، سيتوجّب عليك التعامل مع المشاكل بطريقة جديدة غير تلك التي انتهجتها حتى الآن، وبالتأكيد يمكنك أن تتعلم كيف تفعل ذلك.

اطلب المساعدة من الخبراء. نلاحظ أنّ الكثير من الأشخاص يمتنعون عن طلب المساعدة النفسية والطبية، على الرغم من معاناتهم الشديدة، ومن الجائز أن تمتنع أنت أيضاً عن طلب المساعدة لأسباب مختلفة، مثل الخجل، إنعدام الثقة، لخوفك من الأدوية، لخشيتك من العار أو لأنك لا تملك المال. جميع هذه الأسباب غير هامّة مقارنةً بإمكانية تلقي المساعدة للتخلص من هذه الأزمة الصعبة والشعور بالانتصار عليها. المساعدة النفسية لا تجعل الأشخاص ضعفاء ولا تدل على أي ضعف على الإطلاق، بل على العكس – من لديه الجرأة ليعترف أنه بحاجة لمساعدة نفسية فهذا يدل على قوّته النفسية. كما أنّ الأدوية التي تلطف الحالة هي ليست من الأدوية التي تسبب الإدمان وحين تتحسن الحالة النفسية يمكن التوقف عن استخدام تلك الأدوية. من المهم أن نتذكر أيضاً بأنّ التغيير لا يأتي دائماً بشكل فوري عند التوجّه لتلقي المساعدة النفسية أو الدوائية، مع ذلك فإنّ النتيجة تستحقّ الصبر.

إياك من الانجرار خلف الأفكار البغيضة التي تشجع على الانتحار. إذا وصلت إلى هذا الموقع فلربما صادفت مواقع أخرى تتعامل مع هذا الموضوع. وإذا زرت تلك المواقع فعلاً فقد تجد فيها رسائل من أشخاص تشجعك على الانتحار، بل وتقترح عليك طرقاً للإنتحار. من المهم أن تتذكروا أنّ هنالك أشخاص مندفعين بتصرفاتهم وكتاباتهم بنوايا شريرة وفاسدة لا غير، ويستمتعون برش الملح على الجروح لزيادة المعاناة. هؤلاء الأشخاص يفتقدون الثقة بالنفس، ضعفاء، محبطون، غاضبون على العالم وعديمو المؤهلات والقدرات، مما يجعلهم يشعرون بالاكتفاء والرضى عن أنفسهم بمجرد التصرف بطريقة شريرة لكي يروا أن الآخرين أضعف منهم وفاشلين أكثر منهم، فمعاناة الآخرين تجعلهم يشعرون أنّهم أقوياء. إنه أسلوب بذيء لتحسين صورتهم الذاتية بنظر أنفسهم على حساب زيادة معاناتك. فلا تغرّك رسائلهم وأفكارهم ولا تأخذ بنصيحتهم، وأول خطوة تخطوها نحو التعامل بشكل أفضل وبطريقة صارمة مع الصعوبات هي تجاهل أفكار هؤلاء الأشخاص ومعارضتها. لا تدعهم يستغلونك ويبنون شخصيتهم على حسابك، بل رد لهم الصاع صاعين.

قم باختيار خطوتك – تواصل معنا الآن، واقرأ المواد التي من شأنها مساعدتك، والأهم من كل ذلك –

لا تبقَ وحيداً مع الضائقة.